في
بعض الأحيان تقودنا بعض الوضعيات التي نواجهها إلى دراية أمور لم نكن
لنتوقع معرفتها !! فهل كنتم تعلمون بشأن وصية قانونية يترك عبرها إنسان
أعماله الحسنة لأشخاص معينين قبل وفاته ؟ شخصيا ، كنت جاهلا لذلك حتى
الوقت الذي تعرفت فيه على لعبة تسمى : SMG 2 ، و قبلها على شركة مبدعة
باسم Nintendo . إني أظن أن هذه الأخيرة كتبت بلعبة Super Mario
Galaxy 2 وصيتها ، فأبلغت أعمق رسالة يمكن تبليغها في المجال الذي اختصت
فيه ، موجهة إياها لكل عاشق و محب ساير بترقب مسيرتها التي توجت قبل مدة
قصيرة بإصدار لخص معاني الإبداع و الإقناع .
المنتج و المطور : Nintendo
نوع اللعبة : بلات-فورم
تاريخ صدورها : 11 يليو 2010 ( 23 ماي بالولايات المتحدة و اليابان )
Super
Mario Galaxy 2 هي لعبة جميع المفارقات و التناقضات . حيث أنها تقدم تكملة
غير متوقعة لعنوان أهلت لوصفه كل مفردات الروعة و الجمال : Mario Galaxy (
لعبة البلات-فورم الشهيرة بل الرائدة في المجال ، المطورة من قبل Nintendo
EAD Tokyo ، تحت إدارة Miyamoto ) . هذا الإصدار الثاني منها يأتي ليزرع
الحماس و الإثارة وسط الركوض و طابع المصادفات الذي نلاقيه إجمالا في معظم
ألعاب الـ Wii .ففي الواقع ، جعلتني اللعبة ، بعد أن أقضيت رفقتها
ما يقارب الأربعين ساعة ، أنظر إلى الجهاز باهتمام أكبر !! فبات من المؤكد
عدم تكرار زيارته للدولاب أو الخزانة مرة أخرى ، فقد غدى الآن يصلح لتشغيل
أحد أفضل الألعاب التي شهدها الميدان الفيديو جيمز . إن
وضعي لـ SMG2 بين خانة أفضل الألعاب على امتداد تاريخ المجال ، لم
يكن بداعي الصدفة أو للمبالغة . فنحن هنا أمام أفضل لعبة بلاتفورم طورت
على الإطلاق . جميع المقومات التي تصنع الفارق من أسلوب اللعب
، مستوى التصاميم ، الرسومات ، الموسيقى ، عمر اللعبة ، المتعة .. بلغت
ذروتها . و كأن العنوان يدمج روح الـ Super Mario World في محرك
ثلاثي الأبعاد أنجح من ذلك الذي رأيناه في الجزء الأول . لنجد أنفسنا
، كنتيجة حتمية لكل هذه المتغيرات ، أمام عنوان بأجواء استثنائية ،
فضل فيه الميول إلى تقاليد و أصول اللعبة على الضياع في سفريات مجهولة
الهدف . ما سينال إعجاب العشاق بالتأكيد !! Super
Mario Galaxy 2 أو كما ينطق باليبانية Sūpā Mario Gyarakushī
Tsū . هو عنوان خضع لعمليات التطوير المتواصلة في نفس اليوم الذي
انتهى فيه العمل على الجزء الأول .
بالرغم
من كون القصة تبقى العيب الأكبر لهذا الإصدار ، إلا أن نهاية مفاجئة
أو كما يصطلح عليها إنجليزيا " twist ending " ستنتظركم عند الإقتراب من
إكمال اللعبة . و للتوضيح أكثر فالمصطلح المشار إليه في السطر الأول يستعم
غالبا في ميدان الأفلام ، و يروم جعل المشاهد يرى في الأخير إجمالي القصة
من منظور مغاير لذلك الذي توقعه عند بدايتها . أما عن الـ " Pitch
" - مصطلح أجنبي آخر يراد به القول تلخيص أحداث قصة ما في جملة أو
فقرة - فالأمر يتعلق مجددا باختطاف الأمير Peach ! فبينما دعت هذه
الأخيرة سمكرينا المفضل لتناول وجب الإفطار رفقتها ، ظهر Bowser أمام
قصرها ثم قام باختطافها !! ليفر الوحش الضخم لأسباب غير معروفة نحو الفضاء
. دون التفكير في النتظار ، قرر Mario الذهاب رفقة ساكني المجرات ،
الـ Lumas ، في رحلة عودة نحو الفضاء يبتي من ورائها القضاء على ذلك الوحش
و إرجاع الأميرة . لفعل ذلك ، ستقود شخصيتنا المفضلة صحنا فضائيا يكتسي
طابع الخصوصية ، حيث يرتبط وقوده مباشرة مع النجوم .
أثناء
تجربة اللعبة ، ستكتشفون بأنفسكم أن العنوان تكملة مباشرة للجزء الأول إن
لم نقل أنه بمثابة إصدار مواز لسابقه . و إني لا أريد بكلامي
هذا إفساد مفاجأتكم . فحتى لو كنتم قد شاهدتم العديد من أشرطة
الفيديو على شبكة الإنترنت ، فالإصدار سيبقى غنيا كفاية ليجعلكم تكتشفون
أطنان المفاجآت أثناء لعبكم به .و لأن قوة SMG2
الحقيقية يستمدها من قدرته على صنع مفاجآت غير محصورة !! و هذا إنما ينم
عن كفاءته و جدارته . و يمكننا المضي قدما بتصورنا هذا حتى درجة القول بأن
العنوان يخلف لذى مجربه انطباعا شبيها باللعب في جيل جديد من Mario على
جهاز حديث الصدور !! و لو كان العنوان قد صدر على
Wii2 أو ما تريدونه ، لنال نفس النقط ، و هذا تأكيد . لذا فلنستمتع بتجريب
عنوان أتي قبل موعده الفعلي .. بدل البكاء على واقع عدم وجود نسخة جيل
جديد لسلسلة Zelda . إذا
كان أسلوب اللعب متشابه نسبيا مع ذلك الخاص بالجزء الأول
، فتبقى هنالك العديد من المفاجآت كما سبق و ذكرنا ذلك آنفا :
Yoshi الذي نستطيع امتطاءه و الذي يستعمل لسانه بحكمة بفضل مصوب
جهاز التحكم ، ثلاث وحدات جديدة على الأقل ( زهرة الضباب ، الفطر الحجري
.. ) التي تساوي مجموع عشر تحويلات . كما سنجد أعداء جديدين محركين
بطريقة جيدة جدا مثل الـ Paragoombas أو العناكب المائية ( قادمة من
New Super Mario Bros ) ، زعماء جذابون جديرين بـ " Pixar " .
القطع/المذنبات تليق لتصلح كميداليات ، هنالك الأطنان من البلات-فورمس ،
أفكار عبقرية تم ادماجها في أسلوب اللعب ، خريطة عامة استمدت من Super
Mario Bros ...
لكن
الذي يلفت الانتباه أكثر في النهاية ، هو الإخراج الجنوني للعبة الـ Wii
هذه . هذا يعطينا لمحة مسبقة عما قد تكون عليه الأجزاء القادمة لكل من
Zelda أو Metroid .. نعم ، الـ Wii قوية كفاية لتقدم مردودا أفضل ، كما
أوضحت Nintendo لنا ذلك قبل أربع سنوات . و الدليل وارد أمامنا . يبقى
الشرط الوحيد لتحقيق ذلك اتسام المطورين بالجدية التامة لاكتشاف جميع
امكانيات الجهاز و العمل على استثمارها في ألعاب جيدة . هذا العنوان كان
بمثابة لؤلة ، جوهرة ..
في
الحقيقة ، كانت الرسومات باعثة على البهجة و محركة بطريقة جد لائقة
. ما جعلنا نكتشف عمقا أكثر ، فاللعبة غدت أكثر سلاسة و انسيابية و
أصبحنا نرى Mario بشكل أقرب ، و باقي مكونات المحيط من زواية متعددة
. الموسيقى بدورها كانت على موعد مع الإبداع . بالأخص تلك الخاصة
بمرحلة ال Bowser ، تعطي انطباعا بدمج الجملة الموسيقية المسيطرة
على اللعبة و المستمدة من تلك الخاصة بـ Super Mario 64 مع John
Williams بنفسه !!
يمكننا
ملاحظ تحسن على مستوى التحكم . إلا أن هذا الممر من اللعبة يجعلنا نقف على
ثالث سلبياتها . إذ لا نجد أنفسنا في مستوى Mario Sunshine أو
Super Mario 64 ، و هذا راجع لكوننا نلعب بجهاز تحكم Wii . فحتى لو لم
تواجهنا صعوبات لذى اللعب بطريقة بسيطة ، فإن تتبع تحديات المذنبات
الممتعة ستضعكم في وضعية حرجة .
في
حين ، تبقى بعض التحديات التي تقدمها اللعبة في غاية الصعوبة . كتجاوز
مستوى كامل في ظرف زمني محدود . و زوايا الرؤية المخصصة لهذه الفقرات
السريعة لا تكون عملية في غالب الأوقات . لذى في بعض الأحيان ، سنوارى
الخسارة لا لعدم تحكمنا السليم بالشخصية ، بل فقط لافتقاد التركيز السليم
و الثابت . لذا بالرغم غياب تأثير كبير لما ذكرناه سابقا ، لا بد من
التنويه بضرورة الإتسام بالصبر في بعض فقرات اللعبة .. و كذا تقبل ارغامات
الـ Wiimote . لكن هذا لن يأثر بالسلب ، ما دامت الأغلبية قد تعودت على
ذلك في جزء اللعبة الأول . ما عليكم الحروج به من هذا كله ، أن هنالك
سلاسة و سهولة ملموسة في التحكم .
يبقى
في هذه الحالة أن اللعبة ستهزمكم إذا لم تجعلك تقوم للتصفيق بحميمية
. ؟ الفرحة الدائمة التي ترسم على أوجه اللاعبين ، و بشكل أخص عشاق
السمكري ( و الذي يتوجه إليهم الإصدار بدرجة أولى ) ، ستصان بعمر لعبة ضخم
( أطول من ذاك الخاص بالجزء الأول و جذير بـ Super Mario World ) .
فما يشكل مستوى التصاميم الذي يجعلنا في حالة عدم استقرار دائمة متحفا
خاصا بـ Mario .
هذا
الإصدار الثاني يعتبر من الناحية التقنية و الفنية ، كما أوضحت الفقرات
السابقة ، أفضل من الأول . و كنتيجة لذلك ، يمكن اعتبار اللعبة عنوانا
انثلوجيا ، يتوجه بثبات نحو هرم أفضل العنوانين عبر التاريخ إلى جانب
المسمى Ocarina of Time . و يمكن معاينة ذلك عبر النقاط التي نالها ،
كالعلامة الكاملة " 10/10 " من طرف Ign و Gamesport المعروف بصرامته . لكن
كيف لأي مقيم أن لا يمنحه نقطة مماثلة ؟ كيف لنا أن ننكر أن
امكانيات الـ Wii ظلت منذ سنين خاضعة لاختبرات العديد من المطورين ؟ كيف
لنا أن نقبل المرور من الأسود إلى الأبيط ، من الصحراء القاحلة إلى الجنة
، دون أن نحس نوعا من الحقد ؟ كيف ؟ ببساطة بتناسي كل هذه الأسئلة و
الشروع في اللعب !!
Super
Mario Galaxy 2 هي أعجوبة توحد تقريبا عبورنا للصحراء !! و قد أثبت ذلك
لذى الكثيرين .. كما لم يتوقع اللاعبون و الصحفيون صدور إصدار من نفس
الطينة طوال السنوات العشر القادمة . فمن الصعب احتواء عنوان لمتعة بهذه
الدرجة و أفضل . حتى يمكننا اعتبار SMG2 الإبداع الأخير الذي
تمرر عبره Nintendo أبلغ رسالاتها ، إنه عنوان يوقظ فينا متعة تصل لدرجة
الجنون .
أما
بخصوص السيناريو ، فهو لائق بالنسبة للعب بلات-فورم . فقبل كل شيء ، نحن
هنا لسنا أمام لعبة أدوار " RPG " ( و نحن لا نريد قصصا ساذجة بتعقيدات
إضافية كتلك الخاصة بـ Super Paper Mario ، يقول : Waluigi ) . أفضل من
ذلك ، يمكننا حتى التخيل أن هذه الخيارات جاءت تطوعية ، لأن عناصر أخرى
متماسكة تتحكم باللعبة . و لا أظن المطورين الذين أبانوا على قدرة تسيير
فائقة قادرين على تناسي و تجاهل هذه العناصر ذات الأهمية البالغة .
سنعود
لنقول مجددا أن اللعبة تصبح صعوبتها كبيرة في مراحل معينة منها و التحكم
لا يشابه في شيء ذلك الخاص بجهاز تحكم عادي . لكنكم ستتعودون على ذلك ،
كونوا متأكدين .. فذلك يبقى جزءا من اللعبة وجب التعامل معه بالطريقة
الملائمة . غير أن البحث في الـ 240 نجما متوفرا ، لن يكون الدواء السحري
الذي سيشفي اللعبة من صعوبتها ، و نحذركم من ذلك :) .
تنقص
اللعبة أحيانا الطرق الثانوية . حيث تبقى مسطرة و محددة كما كان الشأن
بالنسبة للجزء السابق ، غير أن هذا في كل الأحوال يتلاءم مع نوع
Mario Galaxy . بالإضافة إلى ذلك ، سيكون لنا الحق في العديد
من الميادين المفتوحة يكون اكتشافها في بعض الأحين ممتعا
. و على مستوى الأسرار ، فإني ألمس نقصا في الصناديق المخفية ،
على سبيل المثال . غير أن هذا لن يكون كفيلا لمنعنا من البحث ، ذلك لوجود
العديد من الأنابيب السرية و المفاجئة .
في
الأخير ، اكتشفت نقص بعض الطبقات مقارنة مع النسخ الافتتاحية : و كمثال
على ذلك الخلفية البحرية للجزيرة المائة ، حيث كانت و بغرابة أقل نجاحا
مقارنة مع تلك التي نجدها في اللعبة الصادرة على Gamecube . و في الواقع ،
يسهل في هذا الـ Mario ، إيجاد آراء و حجج تعويضية !! فلا شيء تم انشاؤه
بالصدفة ، في هذا المحيط الخلاب .
بخصوص
التقييمات فقد نالت اللعبة العلامة الكاملة على جميع المستويات ، فنالت
علامة 10/10 من أبرز المواقع و حتى تلك المشهورة بمتعاملها الصارم مع أدق
الهفوات التي قد تشتملها أحد الألعاب . إذن كل العناصر تأكد أحقية الإصدار
بأخد ريادة ألعاب البلات-فورم ، و كذا الإنضمام إلى اللائحة القصيرة
الضامة لأبرز ألعاب الفيديو عبر التاريخ .
نصل
الآن إلى نهاية هذه المراجعة ، التي حتى لو كتبت فيها أضعاف ما كتبت الآن
ما كانت لتكفيني لأوفي الكلام في حق هذا الإصدار الخرافي و الإبداعي من
سلسلة Mario و المسمى Super Mario Galaxy 2 . فقد حمل هذا الأخير من معاني
الإبدع و الإتقان ما لا يحصر ، فهذين المصطلحين يكتبان بطريقة منفردة في
كل عنصر من عناصر الإصدار ، فتختلف عند كل مرة وسيلة التعبير عنهما . فلم
تجد الصدفة مكانا للتخده وسط هذا الإحكام الذي بسطته الشركة المطورة على
مكونات الجزء ، جاعلة إياه يطئ قمة ألعاب البلات-فورم معلنا جدارته في
استحقاق رياداتها . فرض اللعبة في مثل هذه الإصدارات تكون ناذرة ، فخروجها
عن العادة يجعلها تأتي في مناسبات ناذرة وجب استغلالها حسن الاستغلال !! و
أنت الذي قرأت ، فقادتك سطور المراجعة إلى هذه الخاتمة !! ماذا تنتظر أكثر
لتجريب هذه الأسطورة حديثة الإصدار .